الرسالة لابن أبي زيد القيرواني [طبعة علمية محققة]

الرسالة ابن زيد القيرواني وأهميتها في الفقه المالكي

تُعَد الرسالة ابن زيد القيرواني من أعظم المتون الفقهية في المذهب المالكي، ألَّفها الإمام أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله سنة ٣٨٦هـ. وقد ضمَّن المؤلف في هذا المختصر أكثر من أربعة آلاف مسألة فقهية، مُؤسَّسة على ما يقارب أربعة آلاف دليل من الأحاديث المرفوعة والموقوفة، فجاء الكتاب في حُلَّة فريدة، وعبارات واضحة، ومنهج جامع لروايات الأئمة وأصحاب الإمام مالك ومن بعدهم.

مكانة الرسالة ابن زيد القيرواني بين المتون المالكية

لقد أجمع العلماء قديمًا وحديثًا على أن الرسالة ابن زيد القيرواني من أشهر المتون وأوسعها انتشارًا. قال القاضي عياض: كان ابن أبي زيد إمام المالكية في وقته، جامعًا لمذهب مالك وشارحًا لأقواله، واسع العلم كثير الحفظ، كتبه شاهدة على براعته، ذابًّا عن المذهب بالعلم والحجة. وقد أقبل عليها العلماء شرحًا وتدريسًا لما حوته من تلخيص بديع، وأسلوب رصين يجمع بين العقيدة والفقه والآداب.

الرسالة القيروانية وانتشارها في العالم الإسلامي

انتشرت الرسالة ابن زيد القيرواني في سائر الأقطار الإسلامية، فاشتغل بها الطلبة في المدارس، وشرحها العلماء عبر القرون، واستفاد منها الصغار والكبار. وقد ظهرت بركاتها على من حفظها أو تفقَّه في مسائلها، حتى قيل إن من لزمها علمًا وعملاً فُتحت له أبواب الخير، من علم نافع أو رزق واسع أو مكانة رفيعة.

طبعة علمية محققة على المخطوطات

تأتي هذه الطبعة العلمية المحققة بعمل جاد على أكثر من مائة نسخة خطية، أُخذت أجودها وأدقها، واعتمدت نسخة برلين أصلًا، لما امتازت به من جودة الخط وكمال النص. وقد جرى ضبط الكتاب بالشكل، وتوزيع فقراته بعناية، مع تمييز رؤوس المسائل، وإثبات فروق الروايات في الهوامش. كما استعان المحقق بشرح القاضي عبد الوهاب وغيره لتدقيق النص وضبط معانيه. إنها طبعة علمية رصينة تبرز قيمة التراث وتقدم الرسالة القيروانية في صورة محكمة تناسب الباحثين والطلبة.

خاتمة

إن الرسالة ابن زيد القيرواني ليست مجرد متن فقهي، بل هي مدرسة متكاملة في العقيدة والعبادة والمعاملة. وقد اعتنى بها العلماء جيلاً بعد جيل، حتى أصبحت من أهم المراجع في الفقه المالكي وعلوم الشريعة. وهذه الطبعة العلمية المحققة تعيد تقديمها للقراء بأدق صورة، لتبقى نبراسًا لطالب العلم ودليلًا للراغب في الفقه والديانة.