عمدة البيان في معرفة فروض الأعيان – عبد اللطيف المرداسي

تمهيد: مكانة متن الأخضري وانتشاره
يُعَدُّ متن الأخضري من أهم المتون التعليمية في الفقه المالكي، ألّفه الإمام الفقيه عبد الرحمن بن محمد الأخضري (ت: ٩٨٣ هـ). وقد اختصر فيه ما يحتاجه المكلّف من أبواب العقيدة والآداب، وأحكام الطهارة والصلاة وما يتعلّق بهما من مسائل فروض الأعيان. وبفضل وضوح عباراته وحُسن ترتيبه أصبح مرجعًا أساسيًا في المعاهد الشرعية والمدارس الدينية في بلاد المغرب وإفريقيا. ومن أبرز من خدم هذا المتن الإمام عبد اللطيف المرداسي الجزائري بشرحه القيم عمدة البيان للمرداسي، الذي زاد من مكانة المتن وأثرى طرق تدريسه عبر العصور.

عناية العلماء بالمتن وصولًا إلى عمدة البيان للمرداسي
اعتنى العلماء بـ«متن الأخضري» فوضعوا عليه شروحًا وحواشي ونظمًا شعريًا لتيسير الحفظ، حتى قاربت هذه الجهود التسعة، وهو ما يعكس مكانته الراسخة في التدريس والتأصيل. ومن ثمرات تلك العناية أن تصدّى الإمام أبو محمد عبد اللطيف المرداسي الجزائري (ت: ٩٨٠ هـ) لشرحٍ وافٍ سمّاه عمدة البيان للمرداسي، فجمع فيه بين التحرير الدقيق للمسائل والنقل الأمين عن المصادر، مع بيان الخلاف الفقهي والترجيح بإنصاف. ويُعتبر هذا الكتاب حلقة وصل بين المتون المختصرة والموسوعات الفقهية المطوّلة، مما يجعله مرجعًا معتمدًا لدى طلبة العلم والأئمة.

تقديم عام لكتاب عمدة البيان للمرداسي
يُعَدُّ عمدة البيان في معرفة فروض الأعيان لعبد اللطيف المرداسي حاشيةً علمية متميّزة على متن الأخضري؛ اتّسمت بمنهجٍ تربويٍّ أصيل. يعتمد المؤلف طريقة تعليمية بديعة، إذ يطرح الإشكال بصيغة «فإن قُلتَ…» ثم يجيب «قُلتُ…»، فينتقل بالقارئ من التصوّر إلى الفهم والترجيح خطوة بخطوة. كما يتّصف الكتاب بسَعة البيان وعمقه، فقد يمتد شرح الجملة الواحدة على صفحات متعددة عند الحاجة، مما يعكس طول النَّفَس العلمي ودقّة التحليل. لذلك غدا عمدة البيان للمرداسي من أعمدة الدراسة الفقهية المالكية في أبواب الطهارة والصلاة، ومرجعًا موثوقًا للأئمة والخطباء وطلبة العلم، يعزّز مكانة المتون التعليمية ويقرّب مسائل فروض الأعيان بلغة واضحة ومنهج رصين.